د. محمد الجوهرى: المتحف الكبير ليس مجرد مشروع ثقافي بل استثمار قومي طويل الأجل

كتب: أحمد السيد

المتحف المصري الكبير أحد أبرز الصروح الثقافية في العالم، حيث يجسد عظمة الحضارة المصرية القديمة، ويقدم تجربة متكاملة تجمع بين التراث والتكنولوجيا الحديثة في عرض كنوز الفراعنة.
وإلى جانب قيمته الحضارية، يمثل المتحف المصري الكبير مشروعًا اقتصاديًا وسياحيًا ضخمًا، إذ يُتوقع أن يجذب ملايين الزوار سنويًا، مما يعزز من عائدات السياحة، ويوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، ويسهم في تنشيط الاستثمارات والخدمات المحيطة به مثل الفنادق والمطاعم والنقل السياحي، ليصبح محورًا رئيسيًا في دعم الاقتصاد الوطني.

تقييم خبير اقتصادى

وفى هذا الصدد يقول د. محمد الجوهرى الخبير الاقتصادى فى تصريحات خاصة لـ “موقع بيان الإخبارى” إن المتحف المصري الكبير (GEM) واحداً من أضخم المشروعات الثقافية في العالم الحديث، إذ تجاوزت تكلفة إنشائه مليار دولار، بتمويل مشترك بين الحكومة المصرية والوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA) عبر قرضين ميسّرين بقيمة 84 مليار ين ياباني (نحو 800 مليون دولار) بفائدة منخفضة لا تتعدى 1.4%، وفترة سداد تصل إلى 25 عاماً مع سبع سنوات سماح. أما الجانب المصري فتكفّل بتوفير الأرض والبنية التحتية والتجهيزات بما يقارب 150 مليون دولار، إضافة إلى تبرعات ومساهمات من مؤسسات ثقافية ومجتمعية رفعت إجمالي التمويل إلى قرابة 1.2 مليار دولار.

ويضيف د. الجوهرى أن المتحف يمتد على مساحة نصف مليون متر مربع بالقرب من أهرامات الجيزة، ليشكل مع الهضبة الأثرية أكبر مجمع متحفي مخصص لحضارة واحدة في العالم، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من العصور الفرعونية المختلفة، بينها مجموعة الملك توت عنخ آمون الكاملة لأول مرة.

الإيرادات المتوقعة في عام التشغيل الأول

ويواصل الخبير الاقتصادى قائلا: تشير التقديرات الأولية إلى أن المتحف سيستقبل في عامه الأول ما بين 3 إلى 5 ملايين زائر، نصفهم تقريباً من السياح الأجانب. ووفقاً لتسعيرة التذاكر المعلنة — 200 جنيه للمصريين و25 دولاراً للأجانب — فإن الإيرادات المتوقعة من التذاكر وحدها تتراوح بين 37 إلى 75 مليون دولار من الزائرين الأجانب، إضافة إلى نحو 300 إلى 400 مليون جنيه مصري من الزوار المحليين، فضلاً عن إيرادات الأنشطة المرافقة داخل المتحف من مطاعم ومتاجر وهدايا وفعاليات خاصة قد تضيف من 15 إلى 30% إضافية من العائد الإجمالي.

الأثر الاقتصادي والقيمة المضافة

ولا يقتصر تأثير المتحف المصري الكبير على كونه مزاراً أثرياً وسياحياً، بل يتجاوز ذلك إلى كونه قاطرة اقتصادية وتنموية تمتد آثارها إلى قطاعات عدة (حسب د. الجوهرى) كالتالى:

1. تنشيط السياحة وزيادة العملات الأجنبية: يتوقع أن يسهم الافتتاح في رفع عدد السائحين إلى أكثر من 18 مليون سائح سنوياً بحلول 2026، مع زيادة ملحوظة في متوسط مدة الإقامة والإنفاق اليومي، مما ينعكس إيجابياً على إيرادات السياحة الدولارية.

2. القيمة العقارية للمناطق المحيطة: أدى تطوير البنية التحتية حول الهضبة ومحيط طريق الفيوم إلى رفع الطلب على العقارات الفندقية والتجارية والسكنية في نطاق 5 كيلومترات من المتحف. ويُقدّر الخبراء ارتفاع القيمة الرأسمالية للعقارات الفندقية بنسبة 10–15% خلال أول عامين بعد الافتتاح، و20% تقريباً للعقارات التجارية والخدمية على محاور الوصول إلى المتحف، بينما يُنتظر تحسن تدريجي في أسعار الوحدات السكنية.

3. خلق فرص عمل واستثمارات مساندة: يوفر المشروع آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة في مجالات الأمن والصيانة والضيافة والإرشاد السياحي، فضلاً عن جذب استثمارات فندقية وترفيهية جديدة إلى المنطقة.

المكاسب غير المادية

يمنح المتحف المصري الكبير مصر قوة ناعمة استثنائية على المستوى الدولي، إذ يرسّخ صورتها كحارس للحضارة الإنسانية ووجهة عالمية للسياحة الثقافية، كما يُعزز قدرتها على استقطاب مؤسسات ثقافية ومتاحف عالمية للتعاون والمعارض المشتركة.

وينتهى د. الجوهرى إلى القول إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع ثقافي ضخم، بل استثمار قومي طويل الأجل، يدر عوائد مالية وسياحية وعقارية متصاعدة، ويضيف قيمة نوعية إلى الاقتصاد الوطني. ومع انطلاقه في نوفمبر 2025، تدخل مصر مرحلة جديدة من تسويق حضارتها كقوة اقتصادية وثقافية، لتثبت أن الاستثمار في التاريخ هو استثمار في المستقبل.

طالع المزيد:

محافظة القاهرة: لا غلق للطرق أثناء افتتاح المتحف المصري الكبير.. والاحتفال بمظاهر حضارية في الشوارع

زر الذهاب إلى الأعلى