فيديو تعذيب الفلسطينى داخل السجن هزّ صورة إسرائيل.. نتنياهو يعترف

مصدر – وكالات

في أزمة غير مسبوقة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تسريب مقطع فيديو من أحد مراكز الاحتجاز يُظهر اعتداءً جنسيًا على معتقل فلسطيني بأنه “أكبر هجوم على صورة إسرائيل منذ تأسيسها”، في وقتٍ تتصاعد فيه الانتقادات الحقوقية لسلوك الجيش في مراكز الاعتقال.

فيديو سجن سدي تيمان يهز المؤسسة العسكرية

الواقعة تعود إلى أغسطس/آب 2024، حين بثّت القناة الإسرائيلية 12 مقطعًا مصورًا من مركز اعتقال “سدي تيمان” يُظهر جنودًا يسيئون معاملة معتقل فلسطيني أُلقي القبض عليه أثناء حرب غزة.
وأثار الفيديو صدمة داخل الأوساط الإسرائيلية، ودفع المدعية العسكرية العامة اللواء يفعات تومر يروشالمي إلى تقديم استقالتها نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2025، بعد أن أعلنت تحمّلها مسؤولية تسريب الفيديو.

وقالت يروشالمي إنها سمحت بتسريب المقطع لمواجهة ما وصفته بـ”حملات الدعاية الكاذبة ضد سلطات إنفاذ القانون العسكرية”، مؤكدة أن هدفها كان الدفاع عن مبدأ المساءلة داخل الجيش.

تحقيقات وجدل سياسي

كانت السلطات الإسرائيلية قد وجهت في فبراير/شباط الماضي اتهامات إلى خمسة جنود احتياط على خلفية الواقعة. غير أن إدانتهم أثارت موجة غضب في أوساط اليمين الإسرائيلي، دفعت متظاهرين إلى اقتحام مجمعين عسكريين احتجاجًا على التحقيق. وبعد أيام، جرى تسريب المقطع الأمني الذي زاد من حدة الجدل الداخلي.

وأعلن وزير الدفاع يسرائيل كاتس فتح تحقيق جنائي في عملية التسريب، مؤكدًا أن يروشالمي وُضعت في “إجازة قسرية”، قبل أن تتقدم باستقالتها رسميًا. وقال كاتس إن “من يختلق الأكاذيب ضد جنود الجيش لا يستحق ارتداء زيه العسكري”.

نتنياهو: “أكبر أزمة علاقات عامة في تاريخ إسرائيل”

وخلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة، الأحد 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، اعتبر نتنياهو أن تسريب الفيديو يمثل “أكبر هجوم على العلاقات العامة التي تتعرض لها إسرائيل منذ تأسيسها”، في إشارة إلى الضرر الكبير الذي لحق بصورة الجيش الإسرائيلي عالميًا.
وأكد أن إسرائيل “تواجه حملة ممنهجة لتشويه سمعة مؤسساتها القانونية والعسكرية”، متعهدًا بمواصلة التحقيقات لكشف ملابسات التسريب.

حقوقيون: الانتهاكات ممنهجة

وفي المقابل، أكدت منظمات حقوقية دولية أن الانتهاكات في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية، وخاصة في سجن “سدي تيمان”، “جسيمة ومنهجية”، مشيرة إلى تعرض معتقلين فلسطينيين للضرب والتعذيب وسوء المعاملة.
وقالت منظمة العفو الدولية إن المعتقلين في سدي تيمان يُحتجزون في ظروف “مهينة وغير إنسانية”، مطالبة بإجراء تحقيق دولي مستقل. بينما يصر الجيش الإسرائيلي على أن “أي تجاوزات فردية لا تعبّر عن سياسة ممنهجة”.

استغلال سياسي واستقالة مدوّية

أثارت استقالة يروشالمي موجة من المواقف المتباينة داخل إسرائيل؛ إذ رحب بها وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، معتبرًا أنها “خطوة ضرورية لتطهير الجيش من العناصر المتخاذلة”، بينما دعا إلى فتح تحقيق موسّع يشمل دوائر قانونية أخرى.
ونشر بن غفير مقطعًا مصورًا يظهر فيه وهو يقف فوق أسرى فلسطينيين مكبّلين على الأرض، قائلاً إنهم “منفذو هجوم السابع من أكتوبر ويستحقون الإعدام”.

  بين الاتهامات والحقائق

يُعتبر مركز “سدي تيمان” أحد أبرز مواقع الاحتجاز التي تستخدمها إسرائيل منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويحتجز داخله مئات الفلسطينيين، بينهم مقاتلون من حركة حماس ومدنيون اعتُقلوا خلال العمليات العسكرية.
وتقول منظمات حقوقية إن المكان شهد “سلسلة من الانتهاكات”، بينما يؤكد الجيش أنه “يحقق في عشرات الحالات للتأكد من احترام القانون العسكري”.

انقسام حاد

القضية التي بدأت بتسريب مقطع فيديو تحوّلت إلى أزمة داخلية تضرب صورة إسرائيل أمام المجتمع الدولي، وتكشف عن انقسام حاد بين المؤسسة العسكرية والتيارات السياسية.
وبينما تواصل الحكومة الإسرائيلية دفاعها عن “حقها في إنفاذ القانون”، يرى مراقبون أن القضية أعادت إلى الواجهة ملف الانتهاكات في السجون، وأضعفت رواية إسرائيل في حربها الإعلامية والسياسية على الساحة العالمية.

طالع المزيد:

إسرائيل تتأهب لاحتمال مواجهة مع حزب الله.. تصعيد يثير القلق الإقليمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى