عبد الغني يكشف المخطط الجديد الصهيو-أمريكى لغزة ويؤكد: تركيا تسعى لفرض دورها

كتبت: هدى الفقى

أكد الكاتب الصحفي عاطف عبد الغني، مدير تحرير مجلة أكتوبر، أن الاجتماع الأخير حول تنفيذ اتفاق السلام الموقع في شرم الشيخ يمثل “خطوة جديدة في محاولات الدفع نحو تسوية الأزمة الفلسطينية والضغط على إسرائيل للوفاء باستحقاقاتها”.

وأشار في حديثه لبرنامج “المشهد” المذاع عبر القناة الأولى المصرية ويقدمه الإعلامي فوزي مخيمر، إلى أن مصر تقف في مقدمة الدول الراعية لهذا المسار، إلى جانب قطر وتركيا، التي انضمت مؤخرًا إلى مجموعة الدول الساعية للعب دور فاعل في الملف الفلسطيني.

تركيا تبحث عن دور مؤثر في غزة

وقال عبد الغني إن تركيا تحاول عبر أدواتها الدبلوماسية والسياسية فرض نفسها كفاعل رئيسي في قضية غزة، مستخدمة “دبلوماسية المساعدات والإغاثة الإنسانية” التي تجيدها أنقرة وتوظفها في أكثر من منطقة بالعالم.
وأضاف أن إسرائيل ترفض الدور التركي وتسعى إلى “إضعافه أو تحييده”، رغم محاولات الإعلام الإسرائيلي الإيحاء بأن أنقرة تسعى لدور موازٍ أو بديل للدور المصري.
وأوضح أن “إسرائيل تدرك أن تركيا قوة كبرى داخل حلف الناتو، وتمتلك علاقات متعددة مع الغرب، لذلك تتحرك بحذر لتجنب صدام مباشر معها”.

المخاوف الإسرائيلية من التمدد التركي

أوضح عبد الغني أن إسرائيل تخشى أن يتحول الدور التركي إلى بديل للدور الإيراني في المنطقة بعد تقليص نفوذ طهران، مؤكدًا أن تل أبيب “لا ترغب في وجود قوة إقليمية أخرى توازيها أو تنافسها في التأثير على الملف الفلسطيني”.

وأشار إلى أن أنقرة سبق أن حاولت لعب دور في غزة عبر الجمعيات الإنسانية والمساعدات، ما جعلها في موضع اهتمام وقلق في الوقت نفسه بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة.

الإدارة الأمريكية توازن بين أنقرة وتل أبيب

وأضاف عبد الغني أن الولايات المتحدة تحاول الموازنة بين علاقتها الاستراتيجية مع إسرائيل وتحالفها مع تركيا داخل حلف الأطلنطي، مشيرًا إلى أن واشنطن “لا ترغب في خسارة تركيا أو دفعها إلى محور عدائي جديد”.
وأكد أن السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية “تركز على منع اتساع رقعة الصدام الإقليمي، مع الحفاظ على تفوق إسرائيل”.

قوة عربية – إسلامية محتملة لإعادة إعمار غزة

ورأى عبد الغني أن الاجتماع الأخير “قد يكون بداية لتشكيل قوة عربية – إسلامية تتولى التنسيق مع الأمم المتحدة لإعادة إعمار قطاع غزة”، مشيرًا إلى أن إسرائيل ترفض وجود تركيا ضمن أي قوة دولية أو إقليمية في القطاع، وأن هذا الموقف يعكس رغبتها في الاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على الترتيبات الأمنية المقبلة.

إسرائيل تسعى لغزة جديدة شرق “الخط الأصفر”

وحذر عبد الغني من المخططات الإسرائيلية – الأمريكية لإعادة تشكيل خريطة غزة، مشيرًا إلى أن هناك “خطة غير معلنة لتقسيم القطاع إلى مناطق، وبناء مستوطنات جديدة للفلسطينيين في الجزء الشرقي القريب من الحدود الإسرائيلية، فيما تسميه واشنطن وتل أبيب (غزة الجديدة)”.

وأوضح أن بعض التقارير تشير إلى نية إسرائيل استيعاب نحو مليون فلسطيني في تلك المنطقة، في إطار مشروع “إعادة التوطين” الذي يتنافى مع الرؤية العربية لإعادة الإعمار داخل القطاع.

الورقة المصرية هي الأساس

وواصل الكاتب الصحفى مؤكدا أن الورقة المصرية التي تبناها العرب تمثل الأساس الواقعي لأي تسوية قادمة، مشيرًا إلى أن الرؤية العربية تقوم على “تسليم القطاع لإدارة فلسطينية موحدة، وبدء مرحلة التعافي والإعمار بمشاركة أبناء غزة أنفسهم”.
كما أكد أن “إسرائيل والولايات المتحدة تعملان وفق مخطط طويل الأمد يستهدف فرض واقع جديد في غزة، بينما تسعى مصر والدول العربية إلى تثبيت رؤية سلام حقيقي يحفظ السيادة الفلسطينية”.

وقال إن المرحلة المقبلة من مفاوضات السلام حول غزة ستشهد “مواجهة سياسية معقدة” بين الرؤية العربية – الإسلامية من جهة، والمخطط الإسرائيلي – الأمريكي من جهة أخرى، مشيرًا إلى أن الأيام القادمة ستكشف الكثير من الألغام السياسية الكامنة في تفاصيل التفاهمات الجارية.

بين إرادة العرب ومخططات واشنطن وتل أبيب

قال عبد الغني إن هناك فارقًا جوهريًا بين ما تريده الدول العربية والإسلامية، وبين ما تخطط له إسرائيل والإدارة الأمريكية، موضحًا أن الأخيرة “تعمل دائمًا لخدمة المصالح الإسرائيلية أولًا، ثم تفرض رؤيتها على باقي الأطراف”.
وأضاف أن الجانب العربي يسعى إلى تثبيت تهدئة شاملة، وبدء مرحلة إعادة الإعمار وفق الورقة المصرية، التي تنص على تشكيل لجنة فلسطينية مجتمعية تتولى إدارة القطاع تمهيدًا للمصالحة الوطنية الداخلية.

 عقدة المرحلة الثانية

وأوضح أن الحديث عن تشكيل “قوة استقرار دولية” في قطاع غزة يمثل محور الخلاف الأبرز في المباحثات الجارية، حيث تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل لأن تكون هذه القوة “تابعة لقرارهما المباشر أو خاضعة لتنسيق أمني مشترك”، بينما تصر الدول العربية على أن تكون القوة تحت إشراف الأمم المتحدة وبتفويض من مجلس الأمن لضمان حيادها.
وأكد أن هذا الملف سيشكل “مسرحًا لمساومات وضغوط مكثفة في الأسابيع المقبلة”.

الخط الأصفر.. فصل جديد من مشروع “غزة الجديدة”

وحذّر عبد الغني من أن إسرائيل بدأت بالفعل تنفيذ ما أسماه “مشروع الاحتلال الناعم”، عبر إنشاء خط تقسيم ميداني داخل القطاع يُعرف بالخط الأصفر، وهو ما اعتبره “مقدمة لتقسيم فعلي لغزة إلى منطقتين: واحدة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة شرق الخط، وأخرى محاصرة غربه”.
وأضاف أن واشنطن وتل أبيب تتحدثان حاليًا عن “غزة جديدة”، تُبنى في المنطقة الشرقية، وتضم مستوطنات سكنية للفلسطينيين، بما يعني فعليًا إعادة توطين نصف سكان القطاع وإخراج النصف الآخر.

رفض عربي وتمسك بالمبادرة المصرية

وأشار عبد الغني إلى أن الدول العربية، وفي مقدمتها السعودية والإمارات، رفضت تمويل أو دعم هذا المشروع الإسرائيلي – الأمريكي، رغم الضغوط التي تمارسها واشنطن.
وكشف أن هناك لقاءً مرتقبًا بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سيحمل – بحسبه – “ملفات ضغط أمريكية جديدة تتعلق بتمويل الإعمار وفق الرؤية الإسرائيلية”.

وأكد أن القاهرة والرياض وأبوظبي متمسكة بالرؤية العربية الموحدة، التي ترفض أي محاولات لتقسيم غزة أو تهجير سكانها، وتصر على أن “الإعمار يتم داخل القطاع وبأيدي الفلسطينيين أنفسهم”.

الهدف الإسرائيلي

وأشار عبد الغني إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة تركزان على هدفين رئيسيين في المرحلة المقبلة:

  1. نزع سلاح حركة حماس تحت غطاء “ترتيبات أمنية جديدة”، وهو ما ترفضه الحركة وتعتبره “شأنًا داخليًا فلسطينيًا”.

  2. التحكم في عملية الإعمار من خلال مشاريع “غزة الجديدة”، لتكون أداة لإعادة تشكيل الخريطة الديموغرافية للقطاع.

وأوضح أن هذا المخطط “يعيد إنتاج فكرة الاحتلال ولكن بصيغة اقتصادية – إنسانية ناعمة، تضمن لإسرائيل السيطرة دون وجود عسكري مباشر”.

نهاية مفتوحة وألغام سياسية

اختتم عبد الغني حديثه مؤكدًا أن “ما بعد الحرب” هو المرحلة الأخطر والأكثر غموضًا، مشيرًا إلى أن إسرائيل “لن تتراجع عن أطماعها التوسعية في القطاع”، وأن واشنطن “ستواصل الضغط على العواصم العربية لتمويل مشاريع إعادة الإعمار وفق الرؤية الإسرائيلية”.

شاهد الحلقة كاملة:

وقال عبد الغنى فى نهاية كلامه:

“الأيام المقبلة ستشهد صراعًا سياسيًا مكتومًا بين مشروعين متناقضين: مشروع الاحتلال الناعم الإسرائيلي، ومشروع الاستقلال الحقيقي الذي تتبناه مصر والدول العربية والإسلامية.”

طالع المزيد:

عاطف عبد الغنى يكتب: الحرب توقفت فى غزة واندلعت فى تل أبيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى